الذكاء الوجدانى
الذكاء الوجداني هو عبارة عن مجموعة من الصفات الشخصية والمهارات الاجتماعية والوجدانية* التى تمكن الشخص من تفهم مشاعر و انفعالات الآخرين، ومن ثم يكون أكثر قدرة علي ترشيد حياته النفسية والاجتماعية انطلاقا من هذه المهارات .* فالشخص الذي يتسم بدرجة عالية من الذكاء الوجداني، يتصف بقدرات ومهارات تمكنه من أن:
يتعاطف مع الآخرين خاصة في أوقات ضيقهم.
يسهل عليه تكوين الأصدقاء والمحافظة عليهم
يتحكم في الانفعالات والتقلبات الوجدانية.
يعبر عن المشاعر والأحاسيس بسهولة.
يتفهم المشكلات بين الأشخاص و يحل الخلافات بينهم بيسر.
يحترم الآخرين ويقدرهم.
يظهر درجة عالية من الود والمودة* في تعاملاته مع الناس.
يحقق الحب والتقدير من الذين يعرفونه .
يتفهم مشاعر الآخرين ودوافعهم ويستطيع أن ينظر للأمور من
وجهات* نظرهم.
يميل للاستقلال في الرأي والحكم وفهم الأمور.
يتكيف للمواقف الاجتماعية الجديدة بسهولة.
يواجه المواقف الصعبة بثقة.
يشعر بالراحة في المواقف الحميمية التي تتطلب تبادل المشاعر
والمودة.
يستطيع أن يتصدى للأخطاء والامتهان الخارجي.
هو قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع نفسه ومع الآخرين بحيث يحقق أكبر قدر من السعادة لنفسه ولمن حوله.
الذكاء هو مجموعة من القدرات العقلية التي تمكن من اكتساب المعرفة و التعلم و حل المشكلات. أما الانفعال Emotion، فيعرفها معجم السمات الوجدانية بأنه "حالة وجدانية حادة و فجائية، مضطربة و غير منظمة، تختلف عن الحالة الاعتيادية للفرد، تتسم بالاستثارة و التنبيه و التوتر و الرغبة في القيام بعمل ما، و للانفعال مكونات داخلية (فيزيولوجية و شعورية و معرفية)، و خارجية (سلوكية مثل تعبيرات الوجه)، و تعتمد هذه الحالة على مواقف معينة، و تستثير ردود أفعال الفرد المتطرفة و التي توجه عادة نحو مصدر الانفعال، و يشمل الانفعال بوجه عام مشاعر قوية أو حالات وجدانية إيجابية أو سلبية". و الانفعالات تساعد الفرد على التكيف أمام مواقف الحياة ذات الصلة بالبقاء.
أما الذكاء الانفعالي فهو يجمع بين الجانب العقلي و الجانب الانفعالي للفرد، و يقدم "ماير و سالوفي " (1997) تعريفاً للذكاء الوجداني، يجمع بين فكرة أن الانفعال يجعل تفكيرنا أكثر ذكاءً، و فكرة التفكير بشكل ذكي نحو حالاتنا الانفعالية، و يركز على القدرة على إدراك و تنظيم الانفعالات، و التفكير فيها، و هو أن "الذكاء الوجادني يشمل القدرة على إدراك الانفعالات بدقة، و تقييمها، و التعبير عنها، و القدرة على توليد الانفعالات، أو الوصول إليها عندما تيسر عملية التفكير، و القدرة على فهم الانفعال و المعرفة الوجدانية، و القدرة على تنظيم الانفعالات بما يعزز النمو الوجداني و العقلي".
و التعريف المشار إليه يعرف الذكاء الوجداني من خلال مجموعة من القدرات المنفصلة، و لكنها متجانسة مع بعضها، بمعنى أن الفرد قد يكون عالي القدرة في فهم انفعالات الآخرين من خلال حساسيته في قراءة إشارات الوجه غير اللغوية، و التمييز بين التعابير الصادقة و غير الصادقة مثلاً، و لكنه منخفض القدرة في تنظيم انفعالاته و التعبير عنها. و مفهوم القدرة يشير إلى توقع انتشار الأفراد إعتدالياً على طرفي منحنى القدرة.
لعله من المناسب هنا أن تقوم بتحديد ما نعنيه هنا بجملة من المصطلحات النفسية ذات الصلة بمفهوم الانفعال الذي عرفناه سابقاً، و تحديداً المزاج، و المشاعر، و العواطف، و الوجدان، و الأحاسيس.
فالمزاج Mood أو الحالة المزاجية، فهي حالة انفعالية أقل حدة نسبياً في شدتها من الانفعال، تحدث لسبب مجهول، و غالباً ما يكون مصدرها هرمونات الجسم، في حين أن الانفعال غالباً ما يكون معلوم المصدر، و يستمر المزاج مدة أطول نسبياً من الإنفعال، الذي يحدث و يختفي بصورة أسرع من المزاج. و من الممكن أن ينشأ المزاج بعد الانفعال، كما في تحول انفعال الحزن، إذا استمر مدة طويلة و انخفضت حدته، إلى أسى. و يفضل عبدالخالق هنا استخدام مصطلح الحالة الانفعالية الممتدة بدلاً من المزاج، و يرى أن المزاج يقابله مصطلح Temperament بالإنجليزية، و الذي هو قابلية أو تهيؤ أو ميل الفرد للاستجابة الإنفعالية بطريق معينة مع مواقف الحياة المختلفة، كميل البعض للحساسية و التهيج، أو للهدوء و السكينة، و يبدو أن الوراثة لها تأثيرها في مثل هذا الاستعداد.
أما المشاعرFeelings، فتشير إلى الجانب الحسي من الخبرة الإنفعالية، كالشعور بالدفء أو الراحة، و بذلك يمكن إعتبارها المكون الحسي للإنفعال. كما يمكن اعتبار المشاعر، بهذا المعني، كلمة مرادفة للاحساس. العاطفة Sentiment ، من جانب آخر، تعني استعداداً كامناً نسبياً و مركبا ًمن عدة انفعالات حول موضوع معين.
و يمكن اعتبار الوجدان Affect مصطلح عام جامع يشمل على الانفعال، و المشاعر، و المزاج، رغم أن بعض الباحثين يرادف بينها. و يمكن القول بأن الوجدان أعم من الإنفعال.
و لقد لاحظ الباحث عدة ترجمات عربية لإصطلاح Emotional Intelligence، فإلى جانب "الذكاء الانفعالي"، هناك "الذكاء الوجداني"، و "الذكاء الوجداني "، و "ذكاء المشاعر". و رغم أن الترجمة الحرفية للمفهوم هي الذكاء الإنفعالي، إلا أن هذه الترجمة قد يساء فهمها لدى الذين يميلون إلى حصر اصطلاح "انفعال" في جوانبه غير السارة أو المرضية، كالخوف و الحزن و الغضب ، و حصر اصطلاح "العواطف" في جوانب الانفعالات السارة، كالسرور و الحب. لذا قد يكون استخدام مصطلح "الذكاء الوجداني" أكثر شمولية لجوانب المفهوم السارة و غير السارة و أكثر تقبلاً لدى أوساط العامةdaboon.
هناك ميزتان تميزان الذكاء الوجداني عن الذكاء العقلي
1- هامش التطوير في الذكاء الوجداني أوسع بكثير من هامش التطوير في الذكاء العقلي
2- تأثير الذكاء الوجداني على نجاح الإنسان أكبر بكثير من تأثير الذكاء العقلي
إن استخدام مبادئ الذكاء الوجداني * يساعد الوالدين على إنشاء علاقات قوية مع أبنائهما كما يساهم في تنمية الذكاء الوجداني عند الأبناء
أهمية الذكاء الوجداني :
يعطى دوراً هاماً في توافق الطفل مع والديه وإخوته وأقرانه وبيئته بحيث ينمو سوياً ومنسجماً مع الحياة، كما أنه يؤدي إلى تحسين ورفع كفاءة التحصيل الدراسي.
2- يساعد الذكاء الوجداني على تجاوز أزمة المراهقة وسائر الأزمات بعد ذلك مثل أزمة منتصف العمر بسلام.
3- يعتبر الذكاء الوجداني عاملاً مهماً في استقرار الحياة الزوجية فالتعبير الجيد عن المشاعر وتفهم مشاعر الطرف الآخر ورعايتها بشكل ناضج، كل ذلك يضمن توافقاً زواجياً رائعاً .
4- والذكاء الوجداني وراء النجاح في العمل والحياة، فالأكثر ذكاءاً وجدانياً محبوبون ومثابرون وتوكيديون، ومتألقون وقادرون على التواصل والقيادة ومصرون على النجاح. ونظراً لتلك الأهمية البالغة للذكاء الوجداني، فقد أوصى علماء النفس بتنميته من خلال دروس تعليمية ودورات تدريبية وورش عمل بهدف الوصول إلى درجات عالية من الذكاء الوجداني، وهو ما نطلق عليه النضج الوجداني، وسوف نتحدث عنه الآن بشيء من التفصيل نظراً لأهميته.
كيف نحسن نضجنا الوجداني؟
هي رحلة طويلة تبدأ من الطفولة المبكرة وتستمر حتى آخر لحظة في الحياة إذ ليس هناك سقف للنضج الوجداني. وإليك عزيزي القارئ بعض التوصيات:
1- الوعي بالذات:
حاول أن ترى نفسك كما هي لا كما يجب أن تراها، ستواجهك بعض المصاعب حيث أن الدفاعات النفسية (مثل الكبت Repression والإسقاط Projection والإنكار Daboon والتبرير Rationalization) ستحول بينك وبين هذه الرؤية الموضوعية، لذلك اسأل الناس المخلصين الصادقين من حولك أن يحدثوك عن نفسك بصراحة، وتقبل رؤيتهم حتى ولو لم تعجبك. تدرب جيداً وطويلاً على قراءة ما يدور بداخلك من أفكار وما يعتمل في نفسك من مشاعر.
2- تقبل الذات:
وتقبل الذات لا يعني موافقتها على ما هي عليه دائماً وإنما هي مرحلة مهمة يبدأ منها التغيير للأفضل.
3- لا تحاول السيطرة على الآخرين:
فبدلاً من السيطرة والتحكم في الآخرين حاول أن تتعاون معهم، وعندما يكون هناك صراع أو خلاف مع طرف آخر فحاول أن تصل إلى حل يكون الطرفان فيه رابحين، ولا تحرص على أن تكون أنت الرابح الوحيد دائماً.
4- كن مستعداً لتغيير صلاتك الاجتماعية:
تجنب الناس والمواقف التي تخرج أسوأ ما فيك، واحرص على أن تعرض نفسك للناس وللمواقف التي تخرج أحسن ما فيك. 5- ابحث عن معنى للحياة يتجاوز حدود ذاتك:
ذلك المعنى الذي يعطيك منظوراً تلسكوبياً واسعاً للحياة، وليس ذلك المعنى المحدود الضيق الذي لا يتجاوز حدود اهتمامك الذاتي. وإذا كان لديك هذا المعنى الكبير الممتد للحياة فإنك ستعمل للخلود وبالتالي ستكون أهدافك عظيمة ومحفزة لقدراتك لكي تنمو بشكل مضطرد. وعلامة نجاحك في الوصول إلى هذا المعنى هي شعور ثري وممتلئ بالحياة، ليس حياتك فقط بل أيضاً حياة الآخرين، وعمارة الكون، ذلك الشعور الجميل لا يحس به إلا من وصلوا إلى النضج الوجداني سعياً لوجه الله الذي امتدح صفات النضج الوجداني في رسوله صلى الله عليه وسلم قائلاً:
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) صدق الله العظيم(آل عمران:159).